
تحديات صناعة الدواء في مصر
تعتبر مصر من أكبر الدول إستهلاكاً للأدوية في منطقة الشرق الأوسط و شمال أفريقيا، فبرغم تقدير حجم الإنفاق السنوى للأسرة للأدوية نسبة 58.0 % فى الحضر و **53.1% ** فى الريف، إلا ان صناعة الدواء في مصر تواجه العديد من التحديات التي لا تجعلها ترقى لمستوى الصناعة الأجنبية.
ومن أبرز التحديات التي تواجه الصناعة المصرية الأزمات المتواجدة بميزانية الدولة للقطاع الصحي، إذ توضح بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، أن حجم الإنفاق على الصحة قد تراجع إلى 5 % من إجمالى الإنفاق العام للدولة خلال عام 2016 - 2017، مقابل 5.2 % نسبة الإنفاق خلال العام السابق عليه، و قدر حجم الإنفاق على الصحة بنحو 48.9 مليار جنيه من إجمالى 974.8 مليار جنيه خلال عام 2016 - 2017، بينما كان حجم الإنفاق عليها يُقدر بنحو 44.9 مليار جنيه من إجمالى 864.6 مليار جنيه خلال عام 2015 - 2016، وهذا يعنى أن الإنفاق الحكومى على الصحة بالموازنة العامة للدولة، يمثل أقل من 35 %، وهناك ما يقرب من 65 % من الإنفاق العام على الصحة من إنفاق المواطن.
ومن ضمن التحديات في صناعة الدواء قلة مراكز بحث و تطوير الدواء و الذي أدي إلي إنعدام إنتاج المادة الفعالة ، فأصبحت صناعة الدواء في مصر مقتصرة فقط علي تصنيع الدواء في شكله النهائي دون تصنيع الدواء نفسه، ولذلك إعتمدت صناعة الأدوية المصرية إعتماداً كبيراً علي إستيراد الخامات الدوائية من الخارج، إذ تستورد مصر حوالي 85% من المواد الخام اللازمة لصناعة الدواء، والتي تحتكرها الشركات الأمريكية و الأوروبية والذي يؤدي إلي إرتفاع ثمنها.
وهناك تحد كبير فى عمليات نمو المصانع، فإن ارتفاع سعر صرف العملة الأجنبية يؤثر على استيراد المواد الخام، وقد يتم إستيراد المواد الخام من الصين أو الهند في محاولة لتجنب إرتفاع سعر العملة و لتخفيف تكلفة الدواء ، وهذا قد يؤثر علي جودة و فعالية الدواء، فضلاً علي عدم توافر مراكز تتيح التعامل مع المواد الخام لمعرفة صلاحيتها للإستخدام من عدمه.
صناعة الدواء في مصر
أظهرت أحدث تقارير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، أن تكلفة استيراد مصر من الأدوية والمستحضرات الصيدلانية، قد سجلت ارتفاعا ملحوظًا إلى حوالي447.2 مليون دولار خلال الفترة بين شهري يناير ومايو من عام 2019 مقابل 368.5 مليون دولار خلال الفترة نفسها من عام 2018، بزيادة بلغت قيمتها 78.7 مليون دولار خلال عام واحد.
يبلغ عدد شركات القطاع الاستثمارى في مصر 127 شركة من أصل 154 تابعة لأفراد أو مستثمرين بواقع 12 ألفا و500 منتج دوائي من أصل 14ألفا و250 صنفا، أما الشركات متعددة الجنسية، فيبلغ عددها 16 شركة بقيمة إنتاج حوالى 1250 منستحضر دوائي، أما الشركة القابضة أو شركات قطاع الأعمال وهى 11 شركة منها سيد و النصر والنيل وغيرها من الشركات، وتنتج 1500 صنف دوائى منها 800 صنف، يقل أسعارها عن 5 جنيهات، مع العلم بأن حجم صناعة الدواء فى مصر تقدر بـ 60 مليار جنيه ولكن التحدي يكمن فى أن الشركات الاستثمارية تأخذ من السوق المصرية 24 % من قيمة صناعة الدواء، أما قطاع الأعمال فنصيبه 4,8 %، فى حين يصل نصيب الشركات متعددة الجنسية لـ70 % من حجم صناعة الدواء، رغم قلة عدد الأدوية التى تنتجها، فضلا عن أن صناعة الأدوية الخاصة بهذه الشركات تصنع فى مصر بنفس القدر الذى يتم فيه صناعة الدواء المحلى، وبنفس المادة الخام، ومع ذلك فإن سعرها مضاعف، لذا فإن هناك بعض العوائق التى حالت بين هذا القطاع وتطويره وتسببت فى انحدار مستواه، وأهمها سياسة التسعير الفاشلة داخل شركات قطاع الأعمال.
ومن المعروف ان نسبة الدواء المغشوش في مصر تزداد عاماً بعد عاماً، ولا يزال المواطن المصري يتحمل ثمن وجود تلك الأدوية في السوق المصرية، وبالتحديد مع انخفاض ثمنها، والتي يلجأ إليها المواطن البسيط ومحدودي الدخل، وقد صدر عن نقابة الصيادلة بالإسكندرية، بوجود إحصائية نشرت مؤخرًا، تفيد بأن 19% من الأدوية الموجودة بالأسواق المصرية هى مغشوشة ومصنوعة من قبل جهات غير معلومة و أن مصر بها أكثر من 1000 نوع من الدواء مُسجل على أنه دواء مغشوش، والسبب وراء انتشار تلك الأدوية هو زيادة عدد الجهات المسؤولة عن الرقابة على الأدوية، مما يؤدي إلى إضعاف قدرتها على العمل.
الحلول المطروحة
-
يجب تطوير شركات قطاع الأعمال العام ، فإنه يجب إعادة صياغة قوانين الاستثمار والتسعير والترخيص لمنتجات شركات قطاع الأعمال، من خلال إنشاء الهيئة المصرية للدواء لعلاج أزمات التسعير ومشاكل الصناعة، على أن يرأسها صيدلى، وتكون تابعة لرئاسة الجمهورية على غرار منظمة «الصحة والغذاء الأمريكية»،
-
يجب جدولة ديون الوزارة فى غضون عام على الأقل وتخصص للملفات الحيوية، وعلى سبيل المثال إنتاج المواد الخام بدلا من استيرادها
-
ضرورة تطوير البنية التحتية لشركات الأدوية المصرية من خطوط الإنتاج ومدها ببعض التقنيات الحديثة التى تتميز بها أو النانو تكنولوجى، وإعادة تدريب الكوادر الإدارية بقطاع الأعمال بشكل يضمن الشفافية والتجريم والعقاب والثواب.
-
إعداد خطط وبرامج تسويقية وفتح أسواق جديدة خارجية ومواكبة لنظم الإنتاج الحديثة لرفع صادرات مصر من الدواء للخارج ما يزيد من حجم الصادرات، لأن صناعة الدواء المصرية تحتاج إلى تحقيق مكاسب لتضمن استمرارها.
-
ضرورة فصل ملف الدواء عن وزارة الصحة، لأن مشاكل الدواء لا تنتهى إلا بإنشاء الهيئة العليا للدواء بقيادة شبابية متخصصة على غرار جميع دول العالم، على أن تكون تلك الهيئة تابعة لمجلس الوزراء، ولها الاستقلالية التامة فى اتخاذ القرارات المتعلقة بالقطاع وتنظيمه.
-
ضرورة سن قوانين واضحة ورقابة صارمة، تمنع من ان تجعل المنظومة أشبه بالعمل التجارى، الذى يهدف إلى الربح دون النظر لمعاناة الشعب .
-
أهمية تفعيل جهود المجلس التصديرى للصناعات الدوائية لزيادة حركة التجارة البينية الأفريقية في القطاع الطبي، التي تبلغ 5% فقط من إجمالي واردات الأدوية الأفريقية.
-
من المفترض تكوين جهة رسمية واحدة فقط موكلة بالرقابة على الأدوية.
-
دمج شركات الأدوية ذات الحصص السوقية الضئيلة، مثل بعض الشركات الحكومية فى كيان واحد ، وأن الاكتتابات الجديدة سوف تضخ مزيداً من الاستثمارات إلى الصناعة وترفع معدلات السيولة فيها.
-
إنشاء منافذ إنتاج وتصنيع والحد من الإستيراد المتكرر ،وضرورة عمل تحالفات إستراتيجية بين الدول العربية والأجنبية فى إطار مشروعات بحثية وتسويقية على أن يكون هدف التحالفات إكتساب قدرات تطويرية فى مجالات التكنولوجيا العالمية الجديدة، مثل تصنيع المواد الخام والتشكيل الصيدلى المتطور، الاهتمام بالتكنولوجيا الحيوية.
المصادر
- جريدة الأخبار-24 إبريل 2019
- د. فاطمة مصطفي محمد سعد. صناعة الدواء في مصر.
- جريدة صوت الأمة -21 يناير 2020
- قانون هيئة الدواء المصرية
0 تعليقات