
مقدمة
الصحة النفسية هي الحالة الدائمة نسبياً التي يكون فيها الفرد متوافقا مع نفسه وبيئته انفعاليا واجتماعيا وروحيا ويشعر بالسعادة مع نفسه والآخرين ، ويكون قادرا على استغلال قدراته وإمكاناته لتحقيق ذاته.
كما تؤثر وظائف العقل مثل التفكير و الإدراك و العاطفة و الوجدان تأثيراً مباشراً علي الصحة النفسية. فإن اضطراب أي من هذه الوظائف يشكل مجموعة معينة من الأعراض و الإضطرابات النفسية.
و تعرف الإضطرابات النفسية والتي تسمي ايضاً بالأمراض النفسية علي انها نمط سلوكي او سيكلوجي يصيب الفرد و يؤدي إلي شعوره بالعجز و الضيق كما يؤثر علي نموه الطبيعي و يعيق عملية اكتسابه للمهارات العقلية و الإجتماعية و غيره.
وحسب احصائيات منظمة الصحة العالمية فإن شخصاً واحداً من بين أربعة اشخاص تمت إصابته بمرض نفسي في مرحلة ما في حياته.
و يقدر عدد المصابون بالأمراض النفسية بالعالم حالياً إلي حوالي 450 مليون مصاب مما أدي إلي وضع الاضطرابات العقلية بين الأسباب الرئيسية لاعتلال الصحة والعجز في جميع أنحاء العالم. ##مسببات الأمراض النفسية ليس هناك سبب واحد للاضطرابات النفسية ، ولكن هناك عدة عوامل تتضافر وتؤدي إلى اختلال في توازن الشخص والدفع به للاضطراب النفسي ، ويمكن إجمال تلك العوامل في الآتي:
-
العوامل العضوية أو البيولوجية: فإن نسبة تواجد الفصام العقلي في الأقرباء من الدرجة الأولي تقدر من 10 إلي 12% وبين التوائم المتشابهين من 40 إلي 50%. كما تدخل كثير من الأعراض النفسية ضمن عدة أمراض عضوية مثل طغيان أعراض القلق مع أعراض نقص السكر و ظهور أعراض الإكتئاب مع قصور الغدة الدرقية.
-
العوامل التربوية والنفسية: تتأثر شخصية الإنسان بالتربية التي تلقاها داخل أسرته، كم تعرضه الي فقدان احد أبويه قبل سن الخامسة من العمر وخاصة الأم يجعله عرضه لنوبات الأكتئاب لاحقاً في حياته.
-
العوامل البيئية: يختلف الناس في تأثرهم بالأحداث والضغوط أوالحروب ،فيمكن لواحد منهم أن يصبح مريضاً نفسياً ، ويمكن لآخرون تجاوز المشكلة دون تأثيرات سلبية خطيرة على حياتهم.
أنواع الأمراض النفسية
-
الاضطرابات النفسية العضوية: مثل الخرف بأنواعه و الهذيان وإضطرابات الذاكرة العضوية.
-
الاضطرابات العقلية والسلوكية الناجمة عن تعاطي الكحول والمخدرات : مثل الإضطرابات الناجمة تعاطي الحشيش و الكوكايين و غيره من العقاقير، و التي تشتمل علي هلاوس و تشنجات و اضطراب للذاكرة.
-
اضطرابات الفصام وفصامية الطابع والاضطرابات الضلالية : مثل الفصام العقلي و اضطراب الضلال(الوهم).
-
الاضطرابات الوجدانية:- مثل نوبات الهوس و الإضطراب الوجداني ثنائي القطب و نوبات الإكتئاب.
-
اضطرابات القلق والاضطرابات المتعلقة بالكرب والشكاوي الجسدية: مثل اضطرابات الهلع و القلق الرهابي و اضطراب الوسواس القهري واضطراب الإستجابة للكرب الشديد و اضطرابات جسدية الشكل.
-
الزملات السلوكية المصحوبة بخلل وظيفي أو فسيولوجي: مثل إضطرابات الأكل و النوم و اضطرابات العسر الجنسي الوظيفي و الإضطرابات النفسية المصاحبة للنفاس.
-
اضطرابات الشخصية والسلوك لراشدين: مثل الشخصية الشكاكة و الوسواسية و الإعتمادية والشبه هيستيرية و أمثالها وإضطرابات التفضيل الجنسي مثل الفيتشية و السادية.
-
التخلف العقلي ( العجز الدراسي): والذي تتراوح شدته من التخلف العقلي البسيط إلي التخلف العقلي الجسيم.
-
اضطرابات النماء( الارتقاء النفسي): مثل الإضطرابات الكلامية و اللغوية او اضطرابات إنمائية محددة في المهارات الدراسية مثل القراءة و الهجاء و المهارات الحسابية او امراض الذاتوية و التي تعرف باسم التوحد.
-
اضطرابات سلوكية وعاطفية يبدأ في مرحلة الطفولة والمراهقة: مثل إضطراب فرط الحركة و سلس البول اللاإرادي و التمتمة و اضطرابات المعارضة المتحدية.
علاج الأمراض النفسية
إن تحديد كيفية علاج المرض النفسي يتوقف علي عوامل عدة و التي تشتمل علي نوع المرض النفسي و شدته ومدي مناسبة العلاج للشخص المصاب، ولكن في أغلب الأمر يتم الجمع بين أكثر من وسيلة للعلاج وهي الطريقة الأفضل.
-
العلاج النفسي: يسمي هذا النوع من العلاج بالعلاج بالتحدث، فيقوم المريض بالتحدث عن المشاكل التي يتعرض لها و الحالة التي هو عليها إلي احد المتخصصين بالصحة النفسية او إلي مجموعة من الأشخاص المماثلين في الإصابة بالمرض النفسي، وهذه الطريقة قد تكسب المريض تعلم المهارات التي يحتاجها للتعامل مع الضغوط الحياتية كما تكسبه الثقة بالنفس في علاج الأزمات التي تواجهه. وقد تكتمل فترة العلاج في خلال بضعة شهور او اطول في بعض الحالات. ويستخدم العلاج المعرفي السلوكي في الأمراض النفسية التي نتجت عن أفكار سلبية لدي المريض تجاه صورته عن نفسه و عن الحياة ، فيقوم هذا النوع من العلاج خلال الجلسات بتعديل هذه الأفكار وتحسين صورة المريض لنفسه و للبيئة المحيطة به.
-
** العلاج الدوائي**
-
الأدوية المضادة للذهان: تستخدم الأدوية المضادة للذهان لعلاج الاضطرابات الذهانية مثل الفصام العقلي و نوبات الهلع والخرف،ومن قائمة الأدوية المعالجة المضادات النمطية مثل الهالوبيريدول و الكلوربرومازين (Neurazine®) والمضادات الغير نمطية مثل الكلوزابين و الاولانزابين (zyprexa®)و الريسبيريدون(zesperone®). وأشارت الدراسات ان الاستجابة للعلاج جيدة في 40-50% من الحالات و جزئية في 30-40% و مقاومة في 20% من المرضي. و يستخدم الكلوزابين في علاج الأفراد الذين يبدون استجابة ضعيفة تجاه العلاجات الأخري و لكن قد يسبب انخفاض في عدد كريات الدم البيضاء في عدد 1-4% من الحالات.
-
الأدوية المضادة للإكتئاب: تستخدم لعلاج الإكتئاب و القلق و بعض الأمراض الأخري، فهي تساعد علي تحسين المزاج و النشاط و تقلل من الشعور بالحزن و اليأس و عدم الإكتراث، كما تساهم في زيادة قدرة المريض علي التركيز، و من أمثلة هذه الأدوية السيتالوبرام(Talopram®) و الفلوكستين والبوبروبيون(Wellbutrin®) و غيره، و تناول هذه الأدوية لا تسبب الإدمان او الإعتمادية.
-
**الأدوية المثبتة للمزاج**: وتستخدم في علاج الإضطرابات الثنائية القطب، والتي تتمثل في نوبات متبادلة من الهوس و الإكتئاب. و يمكن استخدام هذه المجموعة من الأدوية في علاج الإكتئاب، و من أمثلتها الكاربامازيبين و حمض الفالبرويك(Depakine®) و أملاح الليثيوم(Prianil®).
-
الأدوية المضادة للقلق: تستخدم لتخفيف حالات القلق النفسي و نوبات الهلع المفاجيء والأعراض النفسية و الجسدية المصاحبة له، وتعتبر مضادات القلق من المهدئات الصغري علي عكس مضادات الذهان والتي تعد من المهدئات الكبري، ومن أمثلة الأدوية المستخدمة البنزوديازيبين والتي تشتمل علي عقاقير مثل الديازيبام (valpam®) ، كما تستخدم مضادات الإكتئاب السيراتونية في علاج القلق بالإضافة الي الأرق المصاحب لهذا الإضطراب، كما يتم استخدام الباربيتورات لخفض النشاط العصبي في الجهاز العصبي المركزي.
-
أدوية لعلاج اضطراب فرط الحركة: وتتضمن الأدوية المنبهة وعلاج تشتت الانتباه مثل الديكستروامفيتامين، والميثيلفينيدات، وخليط أملاح الأمفيتامين، والليسديكسامفيتامين، وأدوية أخري غيرمنبهة مثل الأتوموكسيتين والجوانفاسين.
- طرق علاجية أخري: في السنوات الأخيرة ظهر توجهاً لإستعمال أساليب تكميلية تساعد من فعالية العلاجات الأخري مثل العلاج بالإبر الصينية و العلاج بالموسيقي و الفن و العلاج بالتأمل و الإسترخاء او استخدام الأعشاب الطبيعية، كما يوجد برامج مخصصة لعلاج الإدمان.
الوقاية من الأمراض النفسية
لا توجد طريقة معينة للوقاية من المرض النفسي ولكن وفقاً لإستراجيات منظمة الصحة العالمية ، فإنه من الضروري
- القيام بتعزيز الصحة النفسية والثقة بالنفس خاصة عند الأطفال في مراحلهم المبكرة من العمر.
- تقديم الدعم اللازم للأطفال من خلال إنشاء برانج لبناء المهارات و برامج تنمية للأطفال و الشباب.
- تقديم الدعم اللازم لكبار السن.
- إنشاء برامج تستهدف الفئات المستضعفة من المجتمع و الأقليات.
- تصميم برامج لتعزيز الصحة النفسية للعاملين في مناطق العمل مثل الوقاية من الإجهاد.
- رعاية الأفراد الذين يعانون من أمراض نفسية للتخفيف من أعراض المرض عليهم.
- فرض ضرائب باهظة على المشروبات الكحولية وتقييد توافرها وتسويقها.
المراجع
- حقيبة الإضطرابات النفسية. (مركز التنمية الأسرية، كلية المعلمين التابعة لجامعة الملك فيصل بالأحساء) 2008
- الطب النفسي المعاصر:أحمد عكاشة،مكتبة الأنجلوالمصریة،القاھرة ١٩٩٨ م.
- Gross, J. J., Uusberg, H., & Uusberg, A. (2019). Mental illness and well-being: an affect regulation perspective. World psychiatry : official journal of the World Psychiatric Association (WPA), 18(2), 130–139. doi:10.1002/wps.20618
0 تعليقات